الأحد، 10 نوفمبر 2013

العراق الذي يريده اوباما ترفضه طهران


فلاح هادي الجنابي-  الحوار المتمدن: نريد عراقا ديمقراطيا بلا سياسة إقصاء، هذا ماطلبه الرئيس الامريکي اوباما بمنتهى الصراحة و الوضوح من رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي عشية لقائه به في البيت الابيض بواشنطن، ويبدو أن مطلب اوباما هذا قد کان بمثابة رسالة و إشارة سياسية ذات مغزى لأکثر من طرف او تيار سياسي عراقي و إقليمي و دولي، مثلما کان قبل کل ذلك طلبا أمريکيا مباشرا و صريحا من شخص المالکي نفسه.
اوباما الذي تحدث عن الحل السياسي و إعتبره(السبيل لتحقيق الرفاهية في العراق)، يبدو جليا انه يطرح موقفا و نظرة خاصة مبنية على أسس و مقومات مستمدة من الواقع العراقي نفسه، ولاسيما بعد إن إزدادت الشکاوي و الاعتراضات المطروحة ضد المالکي من قبل مختلف الشرائح و الاطياف العراقية بما فيها الشيعة نفسها، و واضح أن هذا الموقف الامريکي يلمح الى السياسة أحادية الجانب التي ينتهجها المالکي منذ أن قام بترسيخ علاقاته السياسية و الامنية و الاقتصادية مع النظام الايراني ولاسيما على أثر توليه منصب رئاسة الوزراء للمرة الثانية على الضد من إرادة القائمة العراقية التي کانت هي الفائزة في الانتخابات بدعم قوي جدا من جانب النظام الايراني فيما يشبه فرض على الاخرين.
سياسة الاقصاء التي تحدث عنها اوباما، هي قد بدأت في الواقع عقب إقصاء أياد علاوي و عدم السماح له بتولي منصب رئاسة الوزراء و على الرغم من فوزه، ويجب أن نشير هنا بأن عملية الاقصاء هذه تمت على أثر صفقة سياسية متعددة الاطراف لکن الشرکاء الرئيسيين فيها کانوا طهران و المالکي و واشنطن، غير أن المالکي و من وراءه النظام الايراني الذي کان عراب التغيير السياسي(الغريب من نوعه) بفرض المهزوم في الانتخابات على المنتصر فيها، إستغلا هذا الاقصاء و قاما بتوظيفه لاحقا ضد الاطراف الاخرى ولاسيما ضد السنة الذين عارضوا بقوة النفوذ المتنامي للنظام الايراني في العراق و رأوا فيه خطرا محدقا بالعراق عموما و بهم خصوصا.
 ولأن طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية کان يحمل لواء المعارضة و الرفض بوجه نفوذ طهران، فقد کان لابد إستخدام اسلوب الاقصاء السياسي ضده و فبرکة تهم معينة ضده بهدف ليس عزله وانما حتى حرقه سياسيا، وان هذه الرسالة فهمتها و استوعبتها أطرافا عديدة و مالوا الى معارضتها ضمنيا، وهو ماتجسد في مواقف اقليمية و دولية من قضية طارق الهاشمي کانت أبرزها و أهمها على وجه الاطلاق توجيه دعوة رسمية له لزيارة بروکسل من جانب البرلمان الاوربي، أما على الصعيد الاقليمي فإن الموقف قد إتخذ بعدا و عمقا أکبر بعد هذه الزيارة وهذا السبب الرئيسي و اسبابا جانبية أخرى، وجد اوباما نفسه مضطرا لإطلاق ذلك التصريح.

العراق الذي يريده اوباما، هو العراق الذي ترفضه تماما طهران ولايمکن أن تتقبله ويجب علينا الانتظار لفترة أخرى کي نجد کيف ستتبلور الامور و ما سيتمخض عنها في النهاية، لکن يبدو من الواضح جدا أن النظام الايراني ليس من صالحه أبدا قص جناح المالکي و تحجيمه في هذه الفترة تحديدا وهو يقدم له الخدمات على ثلاثة أصعدة مهمة و حساسة جدا هي:
ـ المساعدة في الالتفاف على العقوبات الدولية و التخفيف من وطأتها بجعل العراق ممرا للتهريب من و الى إيران.
ـ جعل العراق ممرا لوجستيا لإيصال المساعدات و الامدادات المختلفة للنظام السوري.
ـ توجيه ضربات عسکرية و سياسية للمعارضين الايرانيين المقيمين في العراق و التي کان آخرها الهجوم الدموي على معسکر أشرف الذي ذهب ضحيته 52 و تم إختطاف 7 آخرين من السکان.

الملاحظ أن سد هذه القنوات الثلاثة و جعلها على النقيض، يعني فرض حالة من الاختناق السياسي و الاقتصادي على النظام الايراني ليس بإمکانه تحملها أبدا، ولذلك فإن العراق الذي يطلبه اوباما سيکون(في المشمش)، مالم يقترن بفعل أمريکي على أرض الواقع يجعل قيامه أمرا ممکنا.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق