الخميس، 7 نوفمبر 2013

البيضة و الدجاجة.. طهران و واشنطن


ايلاف -  نزار جاف :  مرة أخرى تزف الوکالات نبأ جولة جديدة من المفاوضات النووية بين النظام الايراني و مجموعة خمسة زائد واحد، وهي مفاوضات تسبقها مواقف و وجهات نظر متشائمة لمرشد النظام و لروحاني نفسه، مما يعطي ذلك إنطباعا بشأن عدم تحقيقها لأية نتيجة منذ الان.

البرنامج النووي الايراني، والذي يمکن إعتباره الدعامة الاساسية التي سيرتکز عليها المشروع السياسي الفکري الاجتماعي له، هو برنامج ليس بإمکان النظام مطلقا التخلي عنه، لأن ذلك يعني إنتحارا سياسيا و إقرارا بالهزيمة و ترك الحلبة طوعا، ومن الممکن جدا أن يکون النظام مستعدا للآلاف من جلسات المفاوضات و للمئات من العقوبات الدولية في مختلف المجالات ضده على خلفية برنامجه النووي، لکنه ليس بإمکانه أبدا مجرد التفکير بالتخلي عن هذا البرنامج.

إلقاء نظرة على اسلوب و نهج النظام الايراني في التعاطي و التعامل مع دول المنطقة بصورة خاصة و العالم بصورة عامة منذ مجيئه الى دست الحکم، تؤکد إعتماده و بشکل اساسي على مبدأ القوة، وحتى أن تدخله في العديد من الدول و صنعه لأحزاب و تنظيمات متطرفة انما کان ولازال بهدف إستخدامها کأدواة ضغط و إکراه ضد هذه الدول و دول أخرى من أجل عدم الوقوف ضد سياساته، وان ولعه للفوضى و استخدام العنف و القوة قد دعته لإستغلال شعيرة الحج و السعي لجعلها وسيلة أخرى من وسائله المختلفة من أجل فرض شروطه و إملائاته على الاخرين.

فلسفة و نهج هذا النظام مبني على فرضيات مختلفة لکنها تقود کلها الى الطريق و المفترق الاساسي نفسه أي الحفاظ على النظام و إبقائه، وليست مسألة الاصلاح و الاعتدال إستثنائا او أمر خارج هذا الاطار وانما هو إمتداد لفلسفة و نهج النظام بالعمل و السعي لإستخدام کافة البدائل و الاساليب الممکنة من أجل إطالة عمر النظام و استمراره، ويبدو أن حسن روحاني في هذه المرحلة و بحکم دوره و خبرته السابقة في خدمة النظام بمواقعه الحساسة، وبحکم إطلاعه و تمرسه في مختلف الامور، هو أفضل وجه يمکنه أن يلعب دور البطولة في مسرحية الاصلاح و الاعتدال للنظام.

الجولات السابقة للمفاوضات بين هذا النظام و المجتمع الدولي بشأن برنامجه النووي، والتي لم تقود سوى الى نتيجة واحدة وهي إستمرار البرنامج لوحده من دون أن يحصل المجتمع الدولي على أي شئ، وان هذه المحصلة هي اساسا هدف النظام الايراني و حجر الزاوية في تعامله مع المجتمع الدولي في مرحلة ماقبل إکتمال البرنامج و انتاج الاسلحة النووية، وأغلب الظن أن إقتراب النظام من تحقيق هدفه الاساسي کما تشير العديد من الاوساط السياسية و الاعلامية، فإن ذلك سيدفعه لکي يطور من لعبه التفاوضي و يطرح أمورا جديدة من أجل إلهاء و إشغال وحتى إغراء مفاوضيه بالاستمرار معه کي يضمن إتقاء شر(الخيارات المفتوحة الاخرى)أمام المفاوض الغربي، وهذا مايجب على المفاوض الغربي أخذه بنظر الاعتبار و ضمان بقاء زمام المبادرة بيده قبل أن يفقدها نهائيا کما هو الحال مع کوريا الشمالية.

مشکلة المفاوض الغربي الاساسية انه لحد هذه اللحظة لايفهم و يستوعب اسلوب و طريقة النظام الايراني في المراوغة و الاحتيال و اللف و الدوران، ولولا ماقد کشفت عنه المقاومة الايرانية من معلومات حساسة و خطيرة حول البرنامج النووي للنظام والذي أثبت بأنه يحاول من خلف الستارة و الابواب المغلقة تحقيق هدفه الاکبر بإمتلاك القنبلة النووي، لکان المفاوض الغربي لازال في تصوراته الاولية بشأن نوايا هذا النظام، وقطعا ان المقاومة الايرانية التي تمکنت بإمکانياتها المتواضعة من کشف تلك المعلومات الخطيرة، فإنه يجب أيضا وضع الاحتمال الاهم و الاخطر في الحسبان وهو أن هذا النظام لايزال يخفي الکثير من الذي هو بالغ الاهمية للمفاوض الغربي و للمجتمع الدولي برمته، ولاأدري هل أن الوقت الذي سيعترف فيه المفاوض الغربي بالامکانيات غير المحدودة لهذا النظام في مجال ممارسة الخدعة و اللف و الدوران نجاحه دائما في إخفاء الجزء والجانب الاهم من برنامجه بعيدا عن الانظار، قد حان أم أنهم سيستمرون معه حتى يأتي وقت لسان حاله يقول: لات حين مناص؟

 يمکنك أن تعتقد و تتصور أن الذي مارس الکذب معك لمرة او حتى مرتين من المحتمل أن يصدقك القول في المرة المقبلة، غير أن الذي صار الکذب طبعا من طباعه لايمکنك أبدا الرکون إليه و الثقة به ولو لوهلة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق